مجموعة علمية ، ادبية فيها الحكم والمواعظ والقصص والحكايات والظرائف واللطائف والنوادر وغيرها من المطالب المتنوعة التي تستلذ منها الاسماع وانها انيسة في الخلوة وتروح الخاطر عند الملال في السفر والحضر. وتری ان الكلام يجر الكلام الی ما شاء الله .....
اهمية التاليف والكتابة
المجتمع المثقف هو المجتمع الواعي السليم ، والذي يعتبر التأليف والكتابة من القضايا الهامة له .
ففي القرآن الكريم قال الله تعالی : « اقرء وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم » .
وهناك أخبار مأثورة واحاديث مروية عن النبي الاعظم (ص) نذكر شذرات منها :
· قيدوا العلم بالكتاب .
· لا تفارق المحبرة ، فان الخير فيها وفي أهلها الی يوم القيامة .
· اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية ، او علم ينتفع به ، او ولد صالح يدعو له .
والمراد من «الصدقة» في هذا الحديث الشريف ، الوقف في سبيل الله ، ومن «العلم» كتب العلم اوما يشملها ، ويشمل العلم الذي تعلمه غيره منه وانتفع به الناس بعده .
ما هي الكتابة
يراد بالكتابة عند الادباء : صناعة انشاء الكتب والرسائل ، فهي لازمة بكل امة متحضرة ذات حكومة منظمة ، ودواوين متعددة .
مقتطفات من كلمات العلماء والحكماء في الكتابة
· العلم صيد والكتابة قيده .
· الخط لسان اليد .
· تسويد بخط الكاتب أملح من توريد بخد الكاعب .
لأبي الفرج ابن الدهان قال :
قوم اذا خافوا عداوة امرئ
سفكوا الدما بأسنة الأقلام
ولضربة من كاتب ببنانه
امضی وانفذ من رقيق حسام
قال ابن المقفع : الملوك أحوج الی الكتـّاب من الكتـّاب للملوك .
وقد وصف بعضهم الكتـّاب وصفا ً جميلا ً : انهم عماد الملك واركانه ، وعيونه المبصرة وأعوانه ، وبهاء الدول ونظامها ، ورؤوس الرئاسة وقوامها ، ملابسهم فاخرة ، ومحاسنهم باهرة ، وشمائلهم لطيفة ، ونفوسهم شريفة ، مدار الحل والعقد عليهم ومرجع التصرف والتدبير اليهم ، مجالسهم بالفضائل معمورة ، وبنداهم اندية القصاد مغمورة ، يهدون الی الاسماع أنواع البديع ، وينزهون الاحداق في حدائق التوشيح والتوشيع ، شيمتهم لف القبيح ونشر الحسن ، دأبهم استخدام الناس بالمعروف ، يجلون الكبير ، ويبجلون الصغير ، فقد حازوا جميل الصفات :
كتبت فلولا إن هذا محلل
وذاك حرام قست خطك بالسحر
فان كان زهرا ً فهو صنع سحابة
وان كان درا ً فهو من لجة البحر
بأيديهم اقلام ، تختلس بلطفها الاحلام ، صافية الجواهر ، زاهية الازاهر ، لينـّة الاعطاف ناعمة الاطراف ، تبكي وهي مبتسمة ، وتسكت وهي بما يطرب السمع متكلمة ، قد اعتدلت قدودها ، واشرقت في سماء البراعة سعودها .
قال احد الحكماء في وصف الكتاب : انه الجليس الذي لا ينافق ولا يمل ، ولا يعاتبك اذا جفوته ، ولا يفشي سرك اذا حدثته .
وقال ايضا : الكتاب هو المعلم الذي ان افتقرت اليه لم يحقرك ، وان قطعت عنه المادة ، لم يقطع عنك الفائدة ، وان عدلت عنه ، لم يدع طاعتك ، وان هبت ريح اعدائك لم ينقلب عليك ، ومتی كنت منه متعلقا فبسبب ومعتصما بحبل لم يضرك معه وحشة الوحدة الی الجليس السوء ، ولو لم يكن من فضله عليك واحسانه اليك الا منعه من الجلوس علی بابك ، والنظر الی المارة بك ، مع ما في ذلك من التعرض للحقوق في فضول النظر ، وملابسة صغار الناس ، وحضور الفاظهم الساقطة ، واخلاقهم الردية ، لكان في ذلك السلامة يوم القيامة .
وقيل لبعض العلماء : ما بلغ من سرورك بكتبك ؟
فقال : هي ان خلوت لذتي ، وان اهتممت سلوتي ، وان قلت : ان زهر البستان ونور الجنان يجلوان الابصار ، ويمتعان بحسنهما الالحاظ ، فان بستان (الكتب) يجلو العقل ، ويشحذ الذهن ، ويحيي القلب ، ويقوي القريحة ، ويعين الطبيعة ، ويبعث نتائج العقول ، ويستثير دفائن القلوب ، ويمتـّع في الخلوة ويؤنس في الوحشة ، يضحك بنوادره ، ويسر بغرائبه ، ويفيد ولا يستفيد ، ويعطي ولا ياخذ ، وتصل لذته الی القلب من غير سآمة تدركك ، ولا مشقة تعرض لك .
ومن وصايا المهلب الوزير لبنيه قائلا : اذا وقفتم في الاسواق فلا تقفوا الا علی من يبيع السلاح او يبيع الكتب .
ويحكی أن بعض الكتـّاب أهدی كتابا ً الی صديقه وكتب معه : هديتي هذه أعزك الله تزكو علی الانفاق ، وتربو علی الكد ، ولا تفسدها العوادي ، ولا تخنقها كثرة التقليب ، وهي انس في الليل والنهار والسفر والحضر ، تصلح للدنيا والآخرة ، تؤنس في الخلوة ، وتمنع من الوحدة ، مسامر مساعد ، ومحدث مطاوع ، ونديم صدق .
ما هو الفرق بين الكتاب والسفر
الفرق بينهما هو أن (السفر) الكتاب الكبير ، وقال الزجاج الاسفار الكتب الكبار ، وقال بعضهم : السفر الكتاب يتضمن العلوم ، والذي يوجبه الاشتقاق أن يكون السفر الواضح الكاشف للمعاني من قولك : اسفر الصبح اذا أضاء ، وسفرت المرأة نقابها اذا ألقته فانكشف وجهها ، وسفرت البيت كنسته وذلك لازالتك التراب عنه حتی تنكشف أرضه ، وسفرت الريح التراب أوالسحاب اذا قشعته فانكشفت السماء .
لمحات عما قيل في الكتاب من الشعر
نعم الانيس اذا خلوت كتاب
تخلو به ان ملـّك الاحباب
لا مفشيا ً سرا ً اذا استودعته
وتفاد منه حكمة وصواب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تطعمت لذة العيش حتی
صرت للبيت والكتاب جليسا
ليس شئ أعز عندي من الـ
ـعلم ولا أبتغي سواه أنيسا
انما الذل في مخالطة الناس
فدعهم وعش عزيزا ً رئيسا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقولون ذكر المرء يحيا بنسله
وليس له ذكر اذا لم يكن نسل
فقلت لهم نسلي بدائع حكمتي
فان فاتنا نسل فانا بهم نسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أحمد شوقي واصفا ً الكتاب :
انا من بدل بالكتب الصحابا
لم أجد لي وافيا ً الا الكتابا
صاحب ان عبته او لم تعب
ليس بالواجد للصاحب عابا
كلما أخلقته جددني
وكساني من حلي الفضل ثيابا
صحبة لم أشك منها ريبة
ووداد لم يكلفني عتابا
رب ليل لم نقصر فيه عن
سمر طال علی الصمت وطابا
أن يجدني يتحدث أو يجد
مللا يطوي الاحاديث اقتضابا
تجد الكتب علی النقد كما
تجد الاخوان صدقا ً وكذابا
فتخيرها كما تختاره
وادخر في الصحف والكتب اللبابا
صالح الاخوان يبغيك التقی
ورشيد الكتب يبغيك الصوابا
وعما قيل في لزوم حفظ الكتب وعدم الاكتفاء بجمعها
قال ابن دوست في لزوم حفظ الكتب والاستظهار :
عليك بالحفظ دون الجمع في الكتب
فان للكتب آفات تفرقها
الماء يغرقها والنار تحرقها
والفأر يخرقها واللص يسرقها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس علومك ما حوته دفاتر
لكن علومك ما حوته صدور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس بعلم ما حوی القمطر
ما العلم الا ما حواه الصدر
لغز في كتاب
وقد ألغز أبو محمد بن الخشاب البغدادي في كتاب :
وذي أوجه لكنه غير بائح
بسر وذو الوجهين للسر مظهر
تناجيك بالاسرار أسرار وجهه
فتسمعها بالعين ما دمت تنظر
وكتب السري بن أحمد الكندي علی ظهر كتاب أرسله لصديقه :
بعثت اليك به أخرسا ً
يناجي العيون بما استودعا
تلاقي النفوس سرورا ً به
وتلقی الهموم به مصرعا
فلا تعدلن به نزهة
فقد حار ما تبغي أجمعا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق