الثلاثاء، 13 يوليو 2010

الكلام يجر الكلام 6

· وصايا طريفة لاهل العلم من بعض الحكماء ·

قال أحد الحكماء مخاطبا ً أهل العلم والفضل :

أوصيك ألا تأخذ العلوم من الكتب وان وثقت من نفسك بقوة الفهم ، وعليك بالاستاذين في كل علم تطلب اكتسابه ، ولو كان الاستاذ ناقصا ً فخذ عنه ما عنده حتی تجد أكمل منه ، وعليك بتعظيمه وترحيبه وان قدرت أن تفيده من دنياك فافعل ، والا فبلسانك وثنائك ، واذا قرأت كتابا ً فاحرص كل الحرص علی أن تستظهره وتملك معناه ، وتوهم أن الكتاب قد عدم وانك مستغن عنه لا تحزن لفقده .

واذا كنت مكبا ً علی دراسة كتاب وتفهمه فاياك أن تشتغل بآخر معه ، واصرف الزمان الذي تريد صرفه في غيره اليه ، واياك أن تشتغل بعلمين دفعة واحدة وواظب علی العلم الواحد سنة أو سنتين أو ما شاء الله ، واذا قضيت منه وطرك فانتقل الی علم آخر ، ولا تظن أنك اذا حصلت علما ً فقد اكتفيت ، بل تحتاج الی مراعاته لينمو ولا ينقص ، ومراعاته تكون بالمذاكرة والتفكر ، واشتغال المبتدئ بالتحفظ والتعلم ومباحثة الاقران ، واشتغال العالم بالتعليم والتصنيف ، واذا تصديت لتعليم علم أو للمناظرة فيه فلا تمزح به غيره من العلوم ، فان كل علم مكتف بنفسه مستغن عن غيره ، فان استعانتك في علم بعلم عجز عن استيفاء أقسامه كمن يستعين بلغة في لغة أخری اذا ضاقت عليه أو جهل بعضها .

قال : وينبغي للانسان أن يقرأ التواريخ وأن يطالع علی السير وتجارب الامم ، فيصير بذلك كأنه في عمره القصير قد أدرك الامم الخالية ، وعاصرهم وعاشرهم وعرف خيرهم وشرهم .

قال : وينبغي أن يكثر اتهامك لنفسك ، ولا تحسن الظن بها ، وتعرض خواطرك علی العلماء وعلی تصانيفهم ، وتثبت ولا تعجب ، فمع العجب العثار ومع الاستبداد الزلل ، ومن لم يعرق جبينه الی أبواب العلماء لم يعرق في الفضيلة ، ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس ، ومن لم يبكتوه لم يسود ، ومن لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم ، ومن لم يكدح لم يفلح ، واذا خلوت من التعلم والتفكر فحرك لسانك بذكر الله تعالی وبتسابيحه ، وخاصة عند النوم فيتشربه لبك ويتعجن في خيالك ، وتتكلم به في منامك ، واذا حدث لك فرح وسرور ببعض أمور الدنيا فاذكر الموت وسرعة الزوال وأصناف المنغصات ، واذا أحزنك أمر فاسترجع ، واذا اعترتك غفلة فاستغفر ، فاجعل الموت نصب عينك والعلم والتقی زادك الی الاخرة ، واذا أردت أن تعصي الله تعالی فاطلب مكانا لا يراك فيه ، واعلم أن الناس عيون الله علی العبد يريهم خيره وان أخفاه وشره وان ستره ، فباطنه مكشوف لله والله يكشفه لعباده ، فعليك أن تجعل باطنك خيرا ً من ظاهرك ، وسرك أصح من علانيتك .

ولا تتألم اذا أعرضت عنك الدنيا ، ولو عرضت لك لشغلتك عن كسب الفضائل ، وقلما يتعلق في العلم ذو الثروة الا ان يكون شريف الهمة جدا ً ، وان يثری بعد تحصيل العلم ، واني لا أقول : ان الدنيا تعرض عن طالب العلم بل هو الذي يعرض عنها ، همته مصروفة الی العلم فلا يبقی له التفات الی الدنيا والدنيا انما تحصل بحرص وفكر في وجوهها فاذا غفل عن أسبابها لم تأته ، وأيضا ً فان طالب العلم تشرف نفسه عن الصنائع الرذلة والمكاسب الدنية ، وعن أصناف التجارات ، وعن التذلل لارباب الدنيا ، والوقوف علی أبوابهم ، ولبعضهم بيت :

من جد في طلب العلوم أفاته شرف العلوم دناءة التحصيل

· مقتطفات مما قيل في فضل العلم من الشعر ·

ينسب الی سيد الاوصياء الامام أمير المؤمنين علي (ع) :

تعلـّم فليس المرء يولد عالما ً وليس أخو علم كمن هو جاهل

وان كبير القوم لا علم عنده صغير اذا التفت عليه المحافل

وله عليه السلام ايضا ً ك

العلم أشرف شئ ناله رجل من لم يكن فيه علم لم يكن رجلا

تعلم العلم واعمل يا أخـّي به فالعلم زين لمن بالعلم قد عملا

وله أيضا ً :

العلم مُبلغ قوم ذروة الشرف وصاحب العلم محفوظ من التلف

يا صاحب العلم مهلا الا تدنسه بالموبقات فما للعلم من خلف

العلم يرفع بيتا ً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف

وقال ابن دريد :

لا تحقرن عالما ً وان خلقت أثوابه في عيون رامقه

وانظر اليه بعين ذي خطر مهذب الرأي في طرائفه

فالمسك مهما تراه ممتهنا ً[1] بفهر[2] عطاره وساحقه

حتی تراه بعارضي ملك وموضع التاج من مفارقه

وقال الماهياباذي مغريا ً علی تأثير العلم :

يا ساعيا ً وطلاب المال همته اني أراك ضعيف العقل والدين

عليك بالعلم لا تطلب به بدلا واعلم بأنك فيه غير مغبون

العلم يجدي ويبقی للفتی أبدا ً والمال يفنی وان أجدی الی حين

هذاك عز و ذا ذل لصاحبه مازال بالبعد بين العز والهون

وقال الشافعي :

علمي معي حيثما يممت ينفعني قلبي وعاء له لا بطن صندوق

ان كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق

وقال القاضي الارجاني :

ليس عندي شئ أعز من العلـ ـم فلا أبتغي سواه أنيسا

انما السوء في مداخلة النا س فدعها وكن حكيما ً رئيسا

وقال مؤيد الدين الاصبهاني المعروف بالطغرائي المتوفي سنة 513 هجـ :

من قاس بالعلم الثراء فانه في حكمه أعمی البصيرة كاذب

العلم تخدمه بنفسك دائما ً والمال يخدم عنك فيه نائب

والمال يسلب أو يبيد لحادث والعلم لا يخشی عليه السالب

والعلم نقش في فؤادك راسخ والمال ظل عن فنائك ذاهب

هذا علی الانفاق يغزر فيضه أبدا ً وذلك حين تنفق ناضب

لكل مجد في الوری نفع فاضل وليس يفيد العلم من دون عامل

يسابق بعض الناس بعضا ً بجدهم وما كل كر بالهوی كرّ باسل

اذا لم يكن نفع لذي العلم والحجا فما هو بين الناس الا كجاهل

كذاك اذا لم ينفع المرء غيره يعد كشوك بين زهر الخمائل

· هل هناك فرق بين العلم والمعرفة ·

قالوا : ان المعرفة أخص من العلم لانها علم بعين الشئ مفصلا عما سواه والعلم يكون مجملا ومفصلا .

· هل هناك فرق بين العلم واليقين ·

قالوا : ان العلم هو اعتقاد الشئ علی ما هو به علی سبيل الثقة ، واليقين هو سكون النفس وثلج[3] الصدر بما علم ، ولهذا لا يجوز أن يوصف الله تعالی باليقين ، ويقال ثلج اليقين وبرد اليقين ولا يقال ثلج العلم وبرد العلم .

وقيل الموقن العالم بالشئ بعد حيرة الشك والشاهد انهم يجعلونه ضد الشك ، فيقولون شك ويقين ، وقلما يقال شك وعلم فاليقين ما يزيل الشك دون غيره من أضداد العلوم ، والشاهد قول الشاعر :

بكی صاحبي لما رأی الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا

أي أزال الشك عنه عند ذلك .

ويقال اذا كان اليقين عند المصلي أنه صلی أربعا ً فله ان يسلم ، وليس يراد بذلك انه اذا كان عالما به ، لان العلم لا يضاف الی ما عند أحد اذا كان المعلوم في نفسه علی ما علم وانما يضاف اعتقاد الانسان الی ما عنده سواء كان معتقده علی ما أعتقده أولا اذا زال به شكه ، وسمي علمنا يقينا لان في وجوده ارتفاع الشك .

· هل هناك فرق بين العلم والشعور ·

ان الفرق بينهما ان العلم هو ما ذكرناه ، والشعور علم يوصل اليه من وجه دقيق كدقة الشعر ، ولهذا قيل للشاعر شاعر لفطنته لدقيق المعاني . وقيل للشعير شعيرا ً للشظية الدقيقة التي في طرفه خلاف الحنطة .

وقال بعضهم : الذم للانسان بأنه لا يشعر أشد مبالغة من ذمه بأنه لا يعلم لانه اذا قال لا يشعر فكأنه أخرجه الی معنی الحمار .

· هل هناك فرق بين العلم والفهم ·

ان الفرق بينهما ان الفهم تصور المعنی من لفظ المخاطب .

وقيل : ادراك خفي دقيق أخص من العلم ، لان العلم نفس الادراك ، سواء كان خفيا ً أو جليا ً ، ولهذا قال سبحانه وتعالی في قصة داود وسليمان عليهما السلام : « فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا » الانبياء آيه 79 ، خص الفهم سليمان وعمّ العلم لداود وسليمان .

وقيل : ان الفهم هو العلم بمعاني الكلام عند سماعه خاصة ، ولهذا يقال فلان سئ الفهم اذا كان بطئ العلم بمعنی ما يسمع ولذلك كان الاعجمي لا يفهم كلام العربي ، ولا يجوز أن يوصف الله تعالی بالفهم ، لانه عالم بكل شئ علی ما هو به فيما لم يزل .

وقال بعضهم : لا يستعمل الفهم الا في الكلام ، ألا تری انك تقول فهمت كلامه ، ولا تقول فهمت ذهابه ومجيئه كما تقول علمت بذلك .

· هل هناك فرق بين العلم والحفظ ·

الفرق بينهما ان الحفظ هو العلم بالمسموعات دون غيره من المعلومات ألا تری ان أحدا ً لا يقول حفظت أن زيدا ً في البيت ، وانما استعمل ذلك في الكلام ، ولا يقال للعلم بالمشاهدات حفظ ، ويجوز أن يقال ان الحفظ هو العلم بالشئ حالا بعد حال من غير ان يتخلله جهل أو نسيان ، ولهذا سمي حفاظ القرآن حفاظا ً ، ولا يوصف الله بالحفظ لذلك .

· هل هناك فرق بين العلم والظن ·

ان الفرق بينهما ان الظان يجوز أن يكون المظنون علی خلاف ما هو ظنـّه ولا يحققه ، والعلم يحقق المعلوم .

وقيل جاء الظن في القرآن بمعنی الشك في قوله تعالی : « وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ » البقرة آيه 78 ، والصحيح انه علی ظاهره .

· هل هناك فرق بين العلم والادراك ·

ان الفرق بينهما ان الادراك موقوف عل‍ی أشياء مخصوصة ، وليس العلم كذلك ، والادراك يتناول الشئ علی أخص أوصافه وعلی الجملة ، والعلم يقع بالمعدوم ولا يدرك الا الموجود ، والادراك طريق من طرق العلم ، ولهذا لم يجز أن يقوی العلم بغير المدرك قوته بالمدرك ، ألا تری ان الانسان لا ينسی ما يراه في الحال كما ينسی ما رآه قبل .

· هل هناك فرق بين العلم والدراية ·

ان الفرق بينهما ان الدراية فيما قال أبو بكر الزبيري : بمعنی الفهم ، قال : وهو لنفي السهو عما برد علی الانسان فيدريه أي يفهمه ، وحكي عن بعض أهل العربية أنها مأخوذة من دريت اذا اختلت وأنشد :

يصيب فما يدري ويخطي فما دری

أي ما اختل فيه يفوته وما طلبه من الصيد بغير ختل يناله ، فان كانت مأخوذة من ذاك يجري مجری ما يفطن الانسان له من المعرفة التي تنال غيره ، فصار ذلك كالختل منه للاشياء ، وهذا لا يجوز علی الله سبحانه وتعالی .

وجعل أبو علي : الدراية مثل العلم وأجازها علی الله واحتج بقول الشاعر :

لا هم لا أدري وأنت الداري

وهذا صحيح لان الانسان اذا سئل عما لا يدري فقال : «لا أدري» فقد أفاد هذا القول منه «لا أعلم» لانه لا يستقيم ان يسأل عما لا يعلم فيقول «لا أفهم» لان المعنی قوله لا أفهم أي لا أفهم سؤالك وقوله «لا أدري» انما هو لا أعلم ما جواب مسألتك وعلی هذا يكون العلم والدراية سواء لان الدراية علك يشتمل علی المعلوم من جميع وجوهه ، وذلك أن الفعالة للاشتمال مثل العصابة والعمامة والقلاده ، ولذلك جاء أكثر أسماء الصناعات علی فعالة نحو القصارة والخياطة ومثل ذلك العبارة لاشتمالها علی ما فيها . فالدراية تفيد ما لا يفيده العلم من هذا الوجه ، والفعالة أيضا ً تكون للاستيلاء مثل الخلافة والامارة ، فيجوز أن تكون بمعنی الاستيلاء فتفارق العلم من هذه الجهة .



[1] ممتهنا : مستفادا ً

[2] الفهر : الحجر الذي يدق ويسحق به المسك وغيره .

[3] ثلج الصدر : اي انشرح

الاثنين، 12 يوليو 2010

الكلام يجر الكلام 5


اقسام العلوم وانواعها

روي عن الامام أمير المؤمنين (ع) أنه قال :

العلوم أربعة : علم ينفع ، وعلم يشفع ، وعلم يرفع ، وعلم يضع .

فأما الذي ينفع فهو علم الشريعة ، واما الذي يشفع فهو علم القرآن ، واما الذي يرفع فهو علم النحو ، واما الذي يضع فهو علم النجوم .

وقال بعض الاعاظم : العلوم مع تفرقها وتشتتها أربعة :

1. الفقه للاديان .

2. الطب للابدان .

3. النجوم للزمان .

4. والنحو لللسان .

وقال بعض العلماء في تقسيم أنواع العلوم :

اعلم ان العلوم تنقسم علی قسمين : العلوم النقلية والعلوم العقلية .

العلوم النقلية : تشتمل علی ثلاث مقالات :

الاولی : في الشرعيات : ان كان النقل عن الشارع . وفيها خمسة فنون :

1. علم الكلام : وهو البحث عن المعلومات من حيث تعلقها بذات الله وصفاته .

2. علم التفسير : وهو البحث عن كلام الله من حيث الامر والنهي .

3. علم الحديث : وهو البحث عن كلام النبي (ص) من صحة الاسناد وعدمه .

4. علم أصول الفقه : وهو البحث عن ادلة الفقه الاجمالية وما يتعلق بها .

5. علم الفقه : وهو البحث عن أفعال المكلف صحة‌و فسادا ً .

الثانية : في العربيات : ان كان النقل عن العرب فعربي . وفيها أيضا خمسة فنون :

1. علم اللغة : وهو البحث عن الكلمات من حيث الجوهر والمادة .

2. علم التصريف : وهو البحث عن بينة الكلم .

3. علم الاشتقاق : وهو البحث عن اصالة الكلمات وعدمها .

4. علم النحو : هو البحث عن الاعراب وبناء الكلمات .

5. علم الخط : وهو البحث عن كيفية الكتابة .

الثالثة : في الادبيات : ان كان النقل عن متتبعي كلام العرب . وفيها خمسة فنون أيضا ً :

1. علم المعاني : هو البحث فيه عن الكلمات من حيث مطابقتها الحال وعدمها .

2. علم البيان : وهو ايراد المعنی بطرق مختلفة .

3. علم البديع : وهو البحث عن وجوه التحسين في الكلمات .

4. علم العروض : البحث عن اوزان المنظوم .

5. علم القافية : البحث عن أواخر الابيات .

واما العلوم العقلية : فتشتمل أيضا علی ثلاث مقالات :

الاولی : في النظريات : ان كان البحث في العقلي عن الموجودات التي لا دخل لقدرتنا فيها فنظري . وفيها خمسة فنون :

1. علم المنطق : البحث في الوسيلة التي يعصم مراعاته الذهن عن الخطأ .

2. علم آداب البحث : البحث عن كيفية تقرير الادلة ورفع الشبهة .

3. العلم الالهي : البحث عن أحوال الموجودات لا من حيث المادة .

4. العلم الطبيعي : البحث عن أحوال الموجودات من حيث المادة لكن من حيث المخالطة .

5. العلم الرياضي : البحث عن أحوال الموجودات من حيث المادة لكن لا من حيث المخالطة .

الثانية : في العمليات : ان كان البحث في العقلي عن الاعمال التي لنا دخل فيها فعملي . وفيها أيضا خمسة فنون :

1. علم الاخلاق : اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل المتعلق بشخص .

2. علم تدبير المنزل : اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل المتعلق بأشخاص .

3. علم الموسيقی ، والكلمة يونانية معناها تأليف الالحان . وهو يبحث عن كيفية تأليف الالحان .

4. علم السياسة : اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل المتعلق بالرئيس والمرؤس .

5. علم الطب : وهو يبحث عن بدن الانسان وصحته ومرضه .

الثالثة : في الفرعيات : وان كان البحث العقلي عما يتفرع عن ذلك ففرعي . وفيها خمسة فنون أيضا ً :

1. علم التشريح : وهو البحث عن أعضاء الانسان .

2. علم الحساب : وهو البحث عن استخراج المجهولات العددية .

3. علم الهيئة : البحث عن الاجرام البسيطة .

4. علم الهندسة : البحث عن خواص المقادير .

5. علم الغبار .

قال الشيخ البهائي (وهو بهاء الدين محمد العاملي قدس سره المتوفي سنة 1031 هـ ) في كتابه الكشكول :

العلوم تنقسم الی جليـّة وخفـيـّة :

فالجليـّة : العلوم المتدوالة بي الطلبة التي تتذاكر في المدارس والمجالس وكتبها مشهورة .

وأما الخفيـّة : فهي المستورة المصون بها من غير أهلها ولم يزل الحكماء يبالغون في إخفائها حتی أنهم وضعوا فيها رموزا ً واخترعوا في كتابتها أنواعا ً من الخط .

وغير الرسوم المعهودة فان الخفيـّة تنقسم أقساما ً : الكيمياء ، واللـّيمياء ، والهيمياء ، والسيمياء ، والريمياء .

ويقول :

الكيمياء : معلوم .

أما الليمياء : علم الطلسمات

والهيمياء : علم التسخيرات

والسيمياء : علم التخييلات .

والريمياء : علم الشعبذة[1] (الالعاب السحرية) .

شرائط العلم

قالوا : لا يكون العالم عالما ً حتی تكون فيه ثلاث خصال :

1. لا يحتقر من دونه .

2. ولا يحسد من فوقه .

3. ولا يأخذ علی العلم ثمنا ً .

ومدح بعضهم رجلا ً فقال :

كان بديع المنطق ، جزل الالفاظ ، عربي اللسان ، قليل الحركات ، حسن الاشارات ، حلو الشمائل ، كثير الطلاوة صموتا ً وقورا ً .

وقال بعضهم :

ان للعلم آفة واضاعة ونكدا ً واستجاعة ، فآفته النسيان ، واضاعته أن تحدث به غير أهله ، ونكده الكذب فيه ، واستجاعته أن صاحبه منهوم لا يشبع أبدا ً .

وقال بعض الحكماء :

لست منتفعا ً بما تعلم مالم تعمل بما تعلم ، فان زدت في علمك فانت مثل رجل خرم خرمة من حطب واراد حملها فلم يطق فوضعها وزاد عليها .

شعر طريف في العلم والمعلم والتعليم

لشاعر النيل الشهير أحمد شوقي قال :

قم للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا

أعلمت أشرف أو أجل من الذي * يبني وينشي أنفسا ً وعقولا

سبحانك اللهم خير معلم * علـّمت بالقلم القرون الاولی

أخرجت هذا العقل من ظلماته * وهديته النور المبين سبيلا

وطبعته بيد المعلم تارة * صدأ الحديد وتارة مصقولا

أرسلت بالتوراة وموسی مرشدا ً * وابن البتول فعلم الانجيلا

وفجرت ينبوع البيان محمدا ً * فسقی الحديث وناول التنزيلا

علمت يونانا ً ومصر فزالتا * عن كل شمس ما تريد أفولا

واليوم أصبحتا بحال طفولة * في العلم تلتمسانه تطفيلا

من مشرق الارض الشموس تظاهرت * ما بال مغربها عليه أديلا

يا أرض مذ فقد المعلم نفسه * بين الشموس وبين شرقك حيلا

ذهب الذين حموا حقيقة علمهم * واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

في عالم صحب الحياة مقيدا ً * بالفرد مخزوما ً به مغلولا

صرعته دنيا المستبد كما هوت * من ضربة الشمس الرؤس ذهولا

سقراط أعطی الكأس وهي منية * شفتي محب يشتهي التقبيلا

عرضوا الحياة عليه وهي غباوة * فأبی وآثر أن يموت نبيلا

ان الشجاعة في القلوب كثيرة * ووجدت شجعان العقول قليلا

أمعلمي الوادي وساسة نشئه * والطابعين شبابه المأمولا

والحاملين اذا دعوا ليعلموا * عبء الامانة فادحا ً مسئولا

وبنت خطا التعليم بعد محمد * ومشی الهوينا بعد اسماعيلا

حتی رأينا مصر تخطو اصبعا ً * في العلم ان مشت الممالك ميلا

تلك الكفور وحشودها أمية * من عهد (خو) لم تر القنديلا

نجد الذين (بنی ) المسلة جدهم * لا يحسنون لابرة تشكيلا

ويدللون اذا أريد قيادهم * كالبهم تأنس اذ تری التدليلا

يتلو الرجال عليهم شهواتهم * فالناجحون ألذهم ترتيلا

الجهل لا تحيا عليه جماعة * كيف الحياة علی يدي عزريلا

ربـّوا علی الانصاف فتيان الحمی * تجدوهم كهف الحقوق كهولا

فهو الذي يبني الطباع قويمة * وهو الذي يبني النفوس عدولا

وتقيم منطق كل أعوج منطق * ويريد رأيا ً في الامور أصيلا

واذا المعلم لم يكن عدلا مشی * روح العدالة في الشباب ضئيلا

واذا المعلم ساء لحظ بصيرة * جاءت علی يده البصائر حولا

واذا أتی الارشاد من سبب الهوی * ومن الغرور فسمه التضليلا

واذا أصيب القوم في أخلاقهم * فأقم عليهم مأتما ً وعويلا

اني لاعذركم وأحسب عبثكم * من بين أعباء الرجال ثقيلا

وجد المساعد غيركم وحرمتمو * في مصر عون الامهات جليلا

واذا النساء نشأن في أمية * رضع الرجال جهالة وخمولا

ليس اليتيم من انتهی أبواه من * همّ الحياة وخلفاه ذليلا

فأصاب بالدنيا الحكيمة منهما * وبحسن تربية الزمان بديلا

ان اليتيم هو الذي تلقی له * أما تخلت أو أبانا مشغولا



[1] الشعبذة : خفة في اليد وا ُخذ ٌ كالسحر يُری الشئ بغير ما عليه أصله في رأي العين .