الكلامُ يجرُّ الكلام
13
· نوادر أدبية طريفة ·
كان ابن أبي صقر طعن في السن وضعف عن المشي ، فصار يتوكأ علی عصا فقال في ذلك :
كل مرء اذا تفكرت فيه وتأملته رأيت طريفا ً
كنت أمشي علی اثنتين قويا ً صرت أمشي علی ثلاث ضعيفا ً
·
كتب البستي الی بعض أصحابه وكان معتقلا ً :
فديتك يا روح المكارم والعلا بأنفس ما عندي من الروح والنفس
حبست فمن بعد الكسوف تبلج تظئ به الافاق كالبدر والشمس
فلا تعتقد للحبس هما ً ووحشة فقبلك قدما ً كان يوسف في الحبس
·
كان الخليل بن أحمد يقطع العروض ، فدخل عليه ولده في تلك الحالة ، فخرج الی الناس وقال : ان أبي قد جن ، فدخل الناس عليه وهو يقطع العروض ، فأخبروه بما قال ابنه فقال له :
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت تعلم ما تقول عذرتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني وعلمت انك جاهل فعذرتكا
·
قال أعرابي يتشوق الی بلده :
ذكرت بلادي فاستهلت مدامعي بشوق الي عهد الصبا المتقادم
حننت الی ربع له اخضر شاربي وقطـّع عني فيه عقد التمائم
·
تعذر بعضهم للحرب فقال :
قامت تشجعني هند فقلت لها ان الشجاعة مقرون بها العطب
لا والذي منع الابصار رؤيته ما يشتهي الموت عندي من له أدب
للحرب قوم أضل الله سعيهم اذا دعتهم الی نيرانها وثبوا
ولست منهم ولا أهوی فعالهم لا القتل يعجبني منهم ولا السلب
·
وصف بعض الشعراء رجلا ً يحمي خبيثا ً :
رأيت منافقا ً يحمي خبيثا ً وكل منهما بالظلم يسعی
قد اتفقا ولكن في فساد كعقرب راكب للشر أفعی
·
كان فخر الدين الرازي في مجلسه اذ أقبلت حمامة خلفها صقر يريد صيدها فألقت نفسها في حجره كالمستجيرة به فأنشد شرف الدين بن عنين أبياتا ً في هذا المعنی ، منها :
جاءت سليمان الزمان حمامة والموت يلمع من جناحي خاطف
من أنبأ الورقاء ان محلكم حرم وانك ملجأ للخائف
·
ركب طاهر بن الحسين يوما ً ببغداد في حراقته[1] فاعترضه مقدس بن صيفي الخلوقي الشاعر ، وقد أدنيت من الشط ليخرج ، فقال : أيها الامير ان رأيت أن تسمع مني أبياتا ً ، فقال : قل ، فأنشأ يقول :
عجبت لحراقة ابن الحسين لاغرقت كيف لا تغرق
وبحران من فوقها واحد واخر من تحتها مطبق
وأعجب من ذاك أعوادها وقد مسها كيف لا تورق
فقال طاهر : اعطوه ثلاثة آلاف دينار .
·
قال أحمد بن فارس الرازي اللغوي يصف ما كان عليه :
وقالوا كيف حالك قلت خير تقضی حاجة وتفوت حاج
اذا ازدحمت هموم الصدر قلنا عسی يوما ً يكون لها انفراج
نديمي هرّتي وأنيس نفسي دفاتر لي ومعشوقي السراج
·
جلس أبواسحاق النجيرمي عند كافور الاخشيدي ، فدخل عليه أبو الفضل بن عياش ، فقال أدام الله مولانا (وكسر ميم الايام ) فتبسم كافور الی أبي اسحاق ، ففطن لذلك ، فقال ارتجالا ً :
لا غرو ان لحن الداعي لسيدنا وغص من دهش بالريق أو بهر
فمثل سيدنا حالت مهابته بين الاديب وبين الفتح بالحصر
وان يكن خفض الايام عن غلط في موضع النصب لا عن قلة البصر
فان أيامه خفض بلا نصب وان دولته صفو بلا كدر
فأمر له بثلاثمائه دينار وللنجيرمي بمأتين .
·
قال الاصمعي في تغريد البلبل :
أيها البلبل المغرد في النخل غريبا ً من أهله حيرانا
أفراقا ً تشكو أم دمت تدعو فوق أفنان نخلة ورشانا
هاج لي صوتك المغرد شجوا ً رب صوت يهيج الاحزانا
·
وقال نصر بن سيار فيمن لا يتصدی الی صغائر الشرور :
أری بين الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام
فان لم تطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
فان النار بالعودين تذكی وان الحرب أولها كلام
·
قال المتوكل لابي العيناء :
كيف تری دارنا هذه ؟ فقال : يا أمير رأيت الناس يبنون الدور في الدنيا ، وأنت تبني الدنيا في دارك ، وقد نظم بعض الادياء هذا المعنی :
ولي مسألة بعد فعاجلني بأخباري
بنيت الدار في دنياك أم دنياك في الدار
· أشعار في الامثال والمواعيظ ·
· قيلت في الارملة ·
رأيت الدهر في فلك يدور فلا يحزنك ما فعل الدهور
وان تبع السرور الحزن يوما ً فلا حزن يدوم ولا سرور
وسكان القصور لهم قبور وسكان القبور لهم قصور
وقد يسلو المعزّی عن قليل اذا مات الاناث أو الذكور
ويثبت ما أقول لكم عروس مخدرة لها بعل صغير
توفی بعلها فمضت قواها وغيـّر لون بهجتها الفتور
وصامت عن جميع ازاد يوما ً وما ساغ العشاء ولا الفطور
فجاء لها علی عجل أبوها وقال لها الی الله المصير
علام الحزن والايام تجري وكل في مجرته يسير
وموت البعل لا يدعو لهم ومثل البعل في الدنيا كثير
غدا ً يأتيك زوج بعد زوج طويل كالنعامة أو قصير
فلما مر ذكر الزوج راقت وجف الدمع وانقطع الزفير
وساغ لها الشراب علی طعام ومن شهواتها كادت تطير
ولم تلبث سوی شهر بحزن وطبع الحزن مدته شهور
وراحت عاجلا سألت أباها وقالت يا أبي أنت البشير
ألست وعدتني زوجا ً مليحا ً جميلا في الانام له شعور
فأطرق ساعة وأجاب طوعا ً ومدمعه بوجنته سطور
وفكر في أمير مات منه وقال بنفسه قطع الامير
· لمحات مقتطفة فيما يتعلق بعلم العربية ·
· فوائدها هامة ·
1. عن كتاب تقويم اللسان لان الجوزي : جواب لا يجمع ، وقول العامة أجوبة كتبي وجوابات كتبي غلط والصحيح جواب كتبي .
2. وعنه : حاجات وحاج جمع حاجة وحوائج غلط .
3. وعنه : يقال حميت المريض لا أحميته .
4. وعنه : يقال للقائم اقعد وللنائم اجلس والعكس غلط .
5. وعنه : يقال الحمد لله كان كذا لا الذي كان كذا .
6. وعنه : العروس يقال للرجل والمرأة لا للمرأة فقط .
7. وعنه : لا يقال كثرت عيلته انما يقال كثرت عياله والعيلة الفقر .
8. وعنه : المصطكي بفتح الميم والضم غلط .
9. في القاموس : التشويش والمشوش والتشوش كلها لحن ووهم الجوهري ، والصواب التهويش والمهوش والتهوش .
10. وفيه في باب القاف مع اللام : القلقل كزبرج نبت له حب أسود حسن الشم محرك القوة ، لاسيما مدقوقا ً بسمسم معجونا بعسل وعـِرق هذا الشجر المغاث ومنه المثل (دقك بالمنخار حب القلقل ) والعامة تقوله بافاء(فلفل) غلطا ً .
11. وفيه : البقرة بالتحريك للمذكر والمؤنث .
12. وفيه : الجـَفن بالفتح غطاء العين من أعلی وأسفل ، جمعه أجفن وأجفان وجفون . والجـِفن بالكسر غمد السيف .
13. الرهط : اسم للجماعة دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة ولي له واحد من لفظه .
14. عن الثعالبي كل ظهر يكتب بالظاء الا ضهر الخيل فانه بالضاد . وكل غلط بالطاء الا غلت الحساب فانه بالتاء . وكل بيض بالضاد الا بيظ النمل فانه بالظاء .
15. ليس للعرب شهل بالمعجمة الا شهل بن شيبان أحد شعراء الحماسة . وليس لهم شـُمس بضم الشين الا شـُمس بن مالك الذي يقول الشاعر فيه :
واني لمهد من ثنائي فقاصد به لابن عمي الصدق شـُمس بن مالك
وليس لهم سـُلمی بضم السين الا التي ينسب اليها زهير بن آبي سـُلمی والد كعب صاحب قصيدة (بانت سعاد) نص عليه الدماميني .
وليس لهم زَبير بفتح الزاي الا والد عبدالله بن الزَبير الاسدي الشاعر أحد الشعراء الحماسة وهو غير عبدالله بن الزُبير الصحابي المشهور .
وليس لهم عُدُس بضم الدال غير عُدُس بن زيد بن عبدالله بن دارم ، والباقي عدَس بالفتح ، نص عليه أبوزكريا يحيی بن علي الخطيب التبريزي في شرح ديوان الحماسة .
وفي حواشي أمالي المرتضی ، كل عـُدَس في العرب بضم العين وفتح الدال الا عـُدُس بن زيد فانه مضموم العين والدال .